30 عاما على الإبادة الجماعية في سريبرينتسا – دروس يجب ألا تنسى، والتعليم أقوى خط دفاع

https://global.unitednations.entermediadb.net/assets/mediadb/services/module/asset/downloads/preset/Libraries/Production%20Library/08-07-2025_UN-Photo_GA_Srebrenica.jpg/image770x420cropped.jpg
جاء هذا في كلمته التي قرأها نيابة عنه رئيس ديوان مكتبه، إيرل كورتيناي راتراي في فعالية أقيمت بقاعة الجمعية، اليوم الثلاثاء، احتفاء باليوم الدولي للتفكر في الإبادة الجماعية التي وقعت في سريبرينتسا في عام 1995 وإحياء ذكراها.
وهذه هي المرة الأولى التي يتم فيها الاحتفال ببرنامج التوعية حول الإبادة الجماعية في سريبرينتسا والذي أُسِس بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة برعاية ألمانيا ورواندا في أيار/مايو 2024، والذي حدد أيضا يوم 11 تموز/ يوليو يوما دوليا للتفكر في الإبادة الجماعية التي وقعت في سريبرينتسا.
وأشاد الأمين العام في رسالته بقوة وكرامة وشجاعة الناجين وعائلاتهم، مضيفا: “منذ ذلك الحين، أظهر الناجون وعائلات الضحايا، لا سيما أمهات سريبرينتسا، شجاعة استثنائية في سعيهم وراء الحقيقة والعدالة. هم يساهمون في تربية أجيال جديدة على الحب لا الكراهية”.
وقال الأمين العام إنه رغم أن العالم قال بعد سريبرينتسا “لن يتكرر هذا أبدا”، إلا أن “خطاب الكراهية يتصاعد مجددا، مما يغذي التمييز والتطرف والعنف. ونشهد تمجيد مجرمي الحرب من جديد، ونفس التيارات الخطيرة التي أدت ذات مرة إلى ارتكاب جرائم وحشية”.
ودعا كل دولة عضو إلى الوفاء بمسؤوليتها المشتركة والتمسك بدروس سريبرينتسا، والحفاظ على الحقيقة التاريخية، وحماية كرامة الإنسان، مضيفا: “فلنواجه الإنكار بالحقيقة، والإفلات من العقاب بالعدالة”.
وحث أيضا على احترام الالتزامات بموجب القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، وكذلك اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، “تخليدا لذكرى الضحايا، وتضامنا مع الناجين وأحبائهم، وباسم إنسانيتنا المشتركة”.
“أمهات سريبرينتسا”
“أمهات سريبرينتسا” كن حاضرات للاحتفال، وهي جمعية أسستها أمهات ضحايا الإبادة الجماعية والناجيات منها في عام 2002، والتي تبحث عن الأشخاص المفقودين والمقابر الجماعية، وتدعم الناجين، وتسعى إلى تحقيق العدالة.
رئيسة الجمعية، منيرة سوباسيتش التي فقدت 22 من أفراد عائلتها بمن فيهم زوجها وابنها، قالت: “لم تتوقف الأمهات. لم ينتظرن أن ينصفهن أحد، بل نهضن وأعلن بوضوح أن أطفالنا أبرياء، وأنهم قتِلوا. وأنهم ضحايا أبرياء. وأنه لا بد من أن يكون هناك من يتحمل المسؤولية”.
وأضافت: “أرسل من هنا رسالة لجميع أمهات العالم أن يتعلمن منا. أن الأطفال يولدون بفضل الحب. وعلينا أن نربيهم بالحب. أطفالنا هم أغلى ما نملك، وعلينا أن نناضل من أجلهم. عندما تقتل طفلا، قل لأمه إنك قتلتَ جزءا منها. والعيش بدون هذا الجزء صعب للغاية. لن أسمح بذلك أبدا، ولن أرغب في حدوثه لأي شخص”.
وأشارت إلى أن هناك الكثير من الناس الذين يريدون أن يتعلموا من تجربتهن، لأنه بدون التعلم من الماضي فلن يكون هناك مستقبل، مضيفة: “يجب علينا أن ندرس ونتعلم وأن نمنع حدوث أي شيء قد يفضي إلى إبادة جماعية”.

رئيسة جمعية “أمهات سريبرينتسا”، منيرة سوباسيتش.
عالم يزداد تشرذما
رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة، فيليمون يانغ رحب بحضور الناجين للاحتفال داخل قاعة الجمعية العامة، مشددا على “مسؤوليتنا المشتركة لضمان ألا تُنسى دروس سريبرينتسا، وغيرها من المآسي المماثلة”.
وأضاف في رسالة فيديو مسجلة: “يجب أن نسترشد بدروس سريبرينتسا في جهودنا لمنع مثل هذه الجرائم في كل مكان وزمان. وهذا يشمل تعزيز حماية المدنيين في النزاعات ودعم حقوق الإنسان الأساسية”.
وأشار إلى أن هذه الذكرى تحمل طبيعة أكثر إلحاحا في عالم يزداد تشرذما بسبب الانقسام وتزايد التعصب.
وأكد أن التعليم يظل أقوى دفاع ضد تآكل الذاكرة، مضيفا: “يجب ألا نتذكر التاريخ فحسب، وإنما ينبغي أن نتعلم منه أيضا حتى لا تتكرر مآسي مثل مذبحة سريبرينتسا. يجب أن تكون الأجيال القادمة قادرة على فهم ما حدث، ولماذا حدث، وكيف سمح بحدوثه. ساعتها فقط يمكنهم ترسيخ قيم السلام والتسامح والكرامة الإنسانية”.

في عام 1995، جندي يقرأ أسماء الجنود الذين تم التأكد من أنهم ناجون أو هاربون من مدينة سريبرينيتسا التي سقطت.
التصدي لإنكار الإبادة الجماعية
القائمة بأعمال مستشارة الأمم المتحدة الخاصة المعنية بمنع الإبادة الجماعية، براميلا باتن أفادت بأنه سيتم دفن رفات خمسة من ضحايا الإبادة الجماعية في سريبرينتسا في موقع مركز سريبرينتسا التذكاري في بوتوكاري، “ومع ذلك، لم يُعثر بعد على رفات الكثير من الضحايا أو تحدد هويتهم. وهذا يسبب ألما مبرحا لعائلاتهم”.
وأضافت باتين في كلمة فيديو مسجلة: “يعد المركز التذكاري اليوم مساحة تجسد الحياة في مكان حرم فيه الناس من الحياة تماما وبوحشية. وهناك تُجمَع شهادات الناجين، وقصص الضحايا وتُكرم وتُحفظ. وهناك يتجلى الشعور بالخسارة والذي لن يتلاشى أبدا”.
وذكرَّت بأن المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة خلصت بشكل قاطع ودون أي شك إلى أن إبادة جماعية قد ارتكبت في سريبرينتسا في 1995.
وقالت إنه “بينما نقر بالفشل الجماعي في منع الإبادة الجماعية في سريبرينتسا، فإننا نتحمل مسؤولية مشتركة في الحفاظ على هذه الحقائق المثبتة كما أقرتها المحاكم الدولية، ومواصلة سرد قصص الضحايا والناجين في مواجهة إنكار الإبادة الجماعية”.
ونبهت إلى أنه لا يمكن أن تكون الوقاية فعالة أبدا حيث يوجد إنكار للإبادة الجماعية وتمجيد لمجرمي الحرب المدانين.
يذكر أن الحرب التي أعقبت تفكك يوغوسلافيا السابقة أدوت بحياة أكثر من 100,000 شخص في البوسنة والهرسك بين عامي 1992 و1995، معظمهم من المسلمين البوسنيين، وشردت أكثر من مليوني شخص آخرين. وشهدت مجزرة سريبرينتسا أحد أحلك الفصول في تلك الحرب.