جمعية الأدب المهنية تقاوم الانتقادات بإثبات الذات – أخبار السعودية

شأنُ أي مؤسّسة معنيّة بشريحة من شرائح المجتمع، حاولت جمعية الأدب المهنيّة -ولا تزال- أن تحقّق معظم التطلعات، ورفعت سقف طموحاتها، إلا أنّ عوامل النجاحات، لا تتوفر دائما وفق منظور خيالي، ومن الطبيعي أنّ تُوجه إلى الجمعية انتقادات، ما فتئت تقاومها بإثبات الذات بمبادرات، ومشاريع نوعية أسهمت في خدمة الأدب السعودي والمنتسبين إليه من الرواد والمخضرمين والشباب.
وبمُضيّ شهرين تكمل جمعية الأدب المهنية أربعة أعوام من عمرها المهني، ليدخل أعضاؤها البالغ عددهم 55 عضواً (بحسب محضر اجتماع الجمعية العمومية العادية الأول 2025) دورة انتخابيّة ثانية، لاختيار مجلس الإدارة الجديد في سبتمبر القادم.
وكان افتتاح نشاط الجمعية في حائل بداية للعديد من البرامج والمبادرات التي أطلقتها جمعية الأدب المهنية، وكان من أبرزهذه المبادرات؛ سفراء أدب، وجائزة المنجزات الأدبية السنوية، إضافة إلى ملتقى فرسان الشعري الرابع، ومبادرة تحويل ثلاث روايات سعودية إلى سيناريو سينمائي، وترشيح روايات سعودية للترجمة إلى لغات عالمية. إلا أنّ النشاط الأكثر حضوراً وتسويقاً لعمل الجمعية وأنشطتها في الداخل كان سفراء أدب، إذ اعتمدت الجمعية 80 سفيراً أدبياً في 16 منطقة ومدينة، وكانت المهمات التي أُنيطت بالسفراء المتطوعين إحياء الفعل الأدبي محلياً عبر إقامة أمسيات وورش عمل، ومعارض وتعزيز المبادرات الثقافية في مدنهم، وإن كانت في الغالب الأعمّ تتقاطع مع نمط أمسيات الأندية الأدبية والشريك الأدبي، كونها لم تدعم مالياً ولم تستقر مكانياً، إذ اعتمد السفراء علاقاتهم الأدبية والثقافية مع الشريك الأدبي والمقاهي الثقافية.
ملاحظات على عضوية جمعية الأدب
في اللائحة التنظيمية لعضوية الأديب في الجمعية العمومية المنشورة في موقع الجمعية على الإنترنت، ليس هناك ما يشير إلى ميزة للأديب والمثقف في الانتساب لهذه الجمعية التي تشترط أن يكون المنتسب سعودياً، وأن يكون أتمّ الـ18 من عمره، وأن يكون كامل الأهليّة المعتبرة شرعاً، وألا يكون مداناً في جريمة مخلّة بالشرف والأمانة، وأن يسدد الحد الأدنى للاشتراك السنوي الذي نصت عليه اللائحة المعتمدة في اجتماع مجلس الإدارة في جلسته رقم (4-2023) المنعقدة بتاريخ: 7/ 8/ 2023 ومقداره (150) ريالاً للعضو العامل في الجمعية، ويكون للعضو حقّ حضور اجتماعات الجمعية العمومية، والتصويت على قراراتها وترشيح نفسه لعضوية مجلس الإدارة، وجرى رفع رسم الاشتراك والتجديد إلى (500) ريال، ويرى البعض أنه لم ينصّ على رفع الرسم قرار ولا لائحة!
طلال الطويرقي: ليست الممثل الوحيد للأدباء
يرى الشاعر طلال الطويرقي، أنّ علينا ألا نتساءل عما قدمته الجمعيّة للأدباء لأسباب؛ منها أنّ الجمعية ليست الممثل الوحيد للأدباء كما تزعم، بل هي جمعية أهلية ولا ترتبط بالدولة إلا من خلال ما تقدمه الدولة من دعم للقطاع غير الربحي، إضافة إلى أنّ كثيراً من الأدباء لا ينتمون إلى عضوية الجمعية بموجب ما نشرته في قائمة أعضائها، وكثير من المنتسبين إلى عضوية الجمعية لا نعرف عن نشاطهم الثقافي فعلياً أي شيء، ما يضعنا أمام علامة استفهام أخرى. وأكد الطويرقي أنّ إجابتنا على سؤال كهذا تمنح هذه الجمعية إقراراً بتمثيلها الأدباء وانتظارهم منها ما تقدمه لهم، في ظل وجود وزارة الثقافة وهيئاتها المناط بها خدمة الأدب والثقافة والأدباء. وكشف عن أنه لم ينتسب إلى عضوية الجمعية منذ إنشائها إلى اللحظة، كون الجمعية وضعت نفسها ممثلاً للأدباء دون تخويل رسمي منهم، ونشأت دون استشارتهم، وهي ضمن القطاع غير الربحي وتتلقى دعماً من الدولة، فكيف تتربح من أعضائها مبالغ مالية نظير انتسابهم لها؟
وأضاف أنّ طلب تلقّي ثمن العضوية من الأعضاء لا يليق بجمعية أدبية لم تطرح كل تفاصيلها ومهماتها وما ستقدمه، ولم نرَ دوراً محورياً بارزاً في أغلب ما قدمت إلى الآن.
مقال الرفاعي رسم طريق الجمعية
في أكتوبر 2023 كتب الدكتور خالد الرفاعي مقالاً بعنوان: (جمعية الأدب المهنية وسؤال الخطوة الأولى) (الجزيرة: 13/ 10/ 2023) أي بعد شهر من تنظيم الجمعية ملتقى الأدباء الثالث في حائل وحفل تدشين جمعية الأدب، أشار فيه إلى انطلاق جمعية الأدب (المهنية)، بعد سنتين تقريباً من إنشائها، أي بعد مدة كافية لفهم السياق الذي تشكّلت فيه، وفهم موقعها من منظمات القطاع غير الربحي الثقافي، وفهم الدور الذي يُنتظر منها على وجه التحديد. ولفت الرفاعي الانتباه إلى أنّ هناك نقصاً في المعرفة ودوراناً في تجارب العقود السابقة التي عبّرتْ عنها نسبةٌ كبيرةٌ من المشاركات والأسئلة والانطباعات داخل الملتقى وخارجه.
الرفاعي دعا في مقالته إلى أهميّة دعم وانتشار المنتج الأدبي السعودي في الداخل والخارج (الطباعة، النشر، الترجمة، الترشح والترشيح للجوائز الدولية، تسجيل المنتج الأدبي في المكتبات العامة والأكاديمية العالمية، تنظيم أيام خاصة بالأدب السعودي في المؤسسات الأكاديمية والثقافية الرائدة في العالم، دعم تحويل الروايات إلى أفلام سينمائية، إضافة إلى الاستفادة من المبادرات والبرامج الثقافية الكبرى لصالح المحترفين في القطاع كصندوق التنمية، والتفرغ الثقافي، وترجم، وغيرها، وتقديم مشاريع لتحديث الأنظمة ذات الصلة بما يخدم الحركة الأدبية والأدباء، إضافة إلى تنشيط الحركة النقدية المحلية، وتصميم ملتقيات نقدية برؤية جديدة، تتجاوز القراءات التعريفية والاحتفالية إلى تمثّل المناهج والمنهجيات والنظريات الجديدة، ومحاورتها وإثرائها)، ويبدو أنّ القائمين على جمعية الأدب المهنيّة، قرأوا المقال بشكل جيّد، وعملوا على تنفيذ مقترحات عدة مما ورد فيه.
إنشاء جامعة لتعليم الناس الأدب
تحفّظ عضو الجمعية العمومية السابق الشاعر الدكتور سعد الحامدي الثقفي، على رؤية الجمعية وأهدافها، لأنّ من كتبها -كما قال- يشعرك وكأنه سينشئ جامعة لتعليم المثقف الأدب، كـ«الارتقاء بقطاع الأدب، وبالمهنيين»، و«التأثير على التشريعات (أي تشريعات؟)»، و«ضمان مصلحة قطاع الأدب».
وأكد الحامدي أنّ هذه الأهداف لم يتحقق منها شيء، لأنّها أهداف غير قابلة للتحقق. وتساءل: هل عقد لقاء في مقهى تختلط فيه أصوات الرواد ومعلق رياضي، بالشاعر حين يقرأ شعره فيه ارتقاء بالأدب على سبيل المثال؟
ولفت الحامدي إلى أنّ الجمعية كان عليها أن تفعل كما يفعل كل من يرعى الأدب في العالم؛ بأن تجمع بين الأدب والفنون السبعة تحت سقف واحد، وأن تسهل التواصلية بين الأدباء وتجهز في كل مدينة مكاناً يليق بالفعاليات كـ«بيت الشعر»، وتساعد على تفعيل كل الأشياء التي كان ولا يزال يطالب بها الأدباء، لا أنْ تمنّ على الأدباء بإقامة فعاليات في مقاهٍ لا تتناسب وطقوس الأمسيات الشعرية. وذهب إلى عدم إمكانية صلاحيتها لبقية الفعاليات.
ونفى الحامدي أن تكون الجمعية قدّمت له شيئاً منذ تأسيسها، «كون نصيب الأسد من الخدمات يُقدّم لأعضاء المجلس والسفراء».
عضو الجمعية حسن آل عامر: جهود بحسب ما توفر من دعم ومردود
عدّ عضو الجمعية العمومية في جمعية الأدب المهنية القاص حسن آل عامر فكرة ونظام «جمعية الأدب المهنية» نقلة مهمة لترسيخ مفهوم العمل الثقافي الأهلي، موضحاً أنّ الجمعية تحتاج دعماً أكبر من الجهات المعنية بالنشاط الثقافي، كون التنظيم الإداري والمهني يحتاج إلى رافد مالي لكي ينجح وينطلق. وأضاف: في اعتقادي أن الجمعية والقائمين عليها يبذلون جهداً مقدراً حسب ما يتوافر لهم من موارد مالية ودعم ومردود، مؤكداً أن الجمعية قدمت في هذا الإطار مبادرات مهمة مثل مبادرة الترجمة على الرغم من تعثر بعض خططها بسبب التمويل، ومبادرة تحويل الرواية السعودية إلى سيناريو سينمائي، وبعض الفعاليات المنبرية.
وأضاف آل عامر: على الجمعية ومجلس إدارتها مسؤولية كبيرة في تطوير الأداء، وتفعيل الشراكات مع الجهات الداعمة، وإقناع الداعمين بأهمية دورها في خدمة الثقافة. ودعاها إلى تقبّل الآراء التي تسعى إلى إصلاح أي خلل في العمل، وتوضيح المعوقات التي تواجهها بكل شفافية وتطرحها علناً أمام المشهد الثقافي عموماً.
وعدّ آل عامر الخدمات الملموسة من الأديب والملامسة ليومياته أهمّ جاذب للأديب والمثقف إلى الجمعية أو غيرها، ومنها؛ تخفيضات الطيران والفنادق، خصوصا في فعاليات مهمة مثل معارض الكتب الدولية وعلى رأسها معرض الرياض الدولي للكتاب.
أول جمعية تشاركية بين «الثقافة» و«الموارد البشرية»
تُعدّ جمعية الأدب أوّل جمعية مهنية، تعتمدها إستراتيجية وزارة الثقافة للقطاع غير الربحي، وأقرها وزير الثقافة الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان، وتستهدف بناء منظومة متنوعة من المنظمات غير الربحية في مختلف القطاعات الثقافية وفي عموم مناطق المملكة، وهي واحدة من 16 جمعية مهنية في 13 قطاعاً ثقافياً، ووافق عليها وزير الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية رئيس مجلس إدارة المركز الوطني لتنمية القطاع غير الربحي المهندس أحمد بن سليمان الراجحي، وتشكّلت بمجلس إدارة يرأسه الدكتور صالح زيّاد الغامدي، وعضوية كلٍّ من الدكتور حسن النعمي، والدكتور ماهر الرحيلي، والدكتور سعيد السريحي، وأميمة الخميس، وجاسم الصحيّح، والدكتورة نوال السويلم، ومحمد الحرز، والدكتور خليف الغالب، وفهد عافت، والدكتور عدي الحربش.
انسحاب وتعيين
قبل أن تبدأ الجمعية نشاطها انسحبت أسماء أدبية منها الدكتور ماهر الرحيلي، والروائية أميمة الخميس، والدكتور خليف الغالب، والشاعر فهد عافت، والدكتور عدي الحربش، ليُعوّض الأعضاء المنسحبون من مجلس الإدارة بأعضاء جدد من قائمة المؤسسين للجمعية، منهم الروائي خالد اليوسف، والدكتورة نورة القحطاني والشاعر محمد يعقوب.
وعودٌ متعثرة
ولعلّ الجمعية لم تبلغ سقف طموحات وتطلعات، الأدباء والمثقفين، وكانت البداية متعثرة كما أوضح رئيس مجلس إدارة الجمعية الدكتور صالح زيّاد الغامدي لـ«عكاظ» في 1/ 7/ 2022 إثر تساؤل الصحيفة عن غياب الجمعية عن الساحة الثقافية، برغم الوعود التي أطلقها الغامدي في حوار إذاعي عقب تأسيس الجمعية، ووعد بنشاط أدبي مختلف للجمعية، إضافة إلى إعلانه اعتماد الجمعية إصدار أربع دوريات لم ترَ النور إلى اليوم، إلا أنّ مبررات التعثر في وقتها كانت تنصبّ على جوانب تنظيمية؛ مقر الجمعية، الموقع الإلكتروني، هيئة تنفيذية، حساب بنكي، وعدّها حينها العائق الأكبر أمام انطلاقة ترضي الجميع.
عبدالله مفتاح يتحمّل عبء المرحلة رئيساً تنفيذياً
في مايو 2023، صدر قرار تعيين الشاعر عبدالله مفتاح رئيساً تنفيذياً لجمعية الأدب المهنية، لتستهل الجمعية نشاطها في سبتمبر من العام ذاته، بتنظيم مؤتمر الأدباء الثالث في حائل عبر حفل تدشين الجمعية بحضور أكثر من 200 أديب ومثقف، ودشّنها أمير منطقة حائل الأمير عبدالعزيز بن سعد بن عبدالعزيز، وتفاءلت النخب الثقافية بالتدشين، وتطلّعت لنشاط متجاوز لكل ما سبق، يواكب التطورات المتسارعة، وشأن الرؤساء التنفيذيين في تحمّل عبء المرحلة يبذل مفتاح قصارى جهده في سبيل الارتقاء بمستوى العمل، وإرضاء شريحة عريضة من أدباء وأديبات الوطن.
أخبار ذات صلة