اختتام فعاليات قمة أكاديمية أسباير العالمية بالولايات المتحدة

: اختُتمت امس الأربعاء فعاليات قمة أكاديمية أسباير العالمية 2025 بعد يومين حافلين بالحوار والابتكار والتعاون في ملعب سوبارو بارك، معقل نادي فيلادلفيا يونيون، حيث جمعت القمة نخبة من الرموز الرياضية العالمية لتُتوّج ختام أول نسخة تُقام في الولايات المتحدة الأمريكية بنجاح لافت.
نُظّمت القمة بالشراكة مع الدوري الأمريكي لكرة القدم وبالتعاون مع نادي فيلادلفيا يونيون، وجمعت أكثر من 400 مشارك من مختلف مؤسسات كرة القدم حول العالم، من مدربين ومديرين فنيين وخبراء تعليم وصنّاع قرار، وكلهم لديهم هدف مشترك يتمثل في تطوير اللعبة من خلال التعليم وتبادل المعرفة والعمل الجماعي.
وكان من أبرز فعاليات اليوم الثاني ثلاث جلسات حوارية جمعت بطلَيْ كأس العالم أليساندرو نيستا من إيطاليا وكارلي لويد من الولايات المتحدة، إلى جانب نجم كرة القدم الأمريكية رون جاورسكي. واستمرت النقاشات والجلسات العملية في ملعب سوبارو بارك لليوم الثاني على التوالي، استكمالًا لفعاليات اليوم الأول التي تضمنت محاضرة متخصصة مع المدير الفني رافا بنيتيز، مدرب ليفربول وتشيلسي وريال مدريد سابقًا، وحوارًا مفتوحًا مع السير غاريث ساوثغيت، المدير الفني السابق للمنتخب الإنجليزي، واختُتم اليوم الأول بحفل عشاء فاخر في معهد فرانكلين بمدينة فيلادلفيا، حيث استمع الضيوف إلى رؤى مفوض الدوري الأمريكي، دون غاربر.
في بداية اليوم، عُقدت حلقة نقاش تناولت أحد أبرز تحديات كرة القدم المعاصرة بعنوان إدارة جداول المباريات المزدحمة ، شارك فيها ممثلون عن الاتحاد الأمريكي لكرة القدم ونادي أي سي ميلان ونادي أوراوا ريد دايموندز، وناقشوا استراتيجيات لمساعدة اللاعبين على التكيف مع الضغوط البدنية والذهنية الناتجة عن تزايد كثافة المباريات والمنافسات.
كما شهد المشاركون جلسة حوارية خاصة مع أليساندرو نيستا، القائد السابق لنادي أي سي ميلان والفائز بكأس العالم مع المنتخب الإيطالي، تحدث خلالها عن تحوّله من لاعب إلى مدرب قائلًا: اللحظة التي توقفتُ فيها عن التفكير كلاعب وبدأتُ أفكر كمدرب كانت نقطة التحول الحقيقية في مسيرتي. فإن دوافعي دائمًا كانت تنبع من روح المنافسة، والرغبة في الفوز والتفوق. أما التدريب هو في جوهره علم نفس، وثقة، وفهم لكل لاعب على حدة. فاللاعبون اليوم يختلفون عمّن كانوا في الماضي، ويجب علينا نحن المدربين أن نتكيف لنُخرج أفضل ما فيهم. فبعد الهزيمة تحديدًا يظهر معنى القيادة الحقيقي، فهو الوقت الذي يجب أن نستخدم الشغف كدافع للاستمرار.
وكان أبرز محاور اليوم الثاني هو كرة القدم النسائية وتطورها عالميًا، بما يعكس النمو المتسارع في الاهتمام والاستثمار الذي يعيد رسم ملامح مستقبل اللعبة. وقد استضافت القمة جلسة حوارية مع كارلي لويد، بطلة كأس العالم والحائزة على لقب أفضل لاعبة في العالم مرتين، بحضور قائد نادي فيلادلفيا يونيون أليخاندرو بيدويا.
وقالت لويد: التحضير هو أساس النجاح. عليك أن تكون مثابرا في تدريباتك وأن تحافظ على الانضباط، وأن تواصل العمل الجاد حتى وإن لم يرك أحد أو يلاحظك. في مرحلة معينة، يصل كل لاعب إلى لحظة لا تكفي فيها الموهبة وحدها؛ الأمر يتعلق بما أنت مستعد لبذله كل يوم. فالتحديات تصنع الشخصية، والإصرار على العمل والتكرار هو ما يبني الثقة ويصنع الفارق. في النهاية، النجاح ليس سوى نتيجة للتحضير المستمر .
وقد مهّدت كلماتها الطريق لمائدة مستديرة بعنوان آفاق جديدة في كرة القدم النسائية ، شارك فيها ممثلون عن الاتحادين الإيطالي والبرازيلي لكرة القدم، إلى جانب الرابطة الوطنية لكرة القدم النسائية في الولايات المتحدة. تناول النقاش مسارات تطوير اللاعبات، وتعزيز حضور كرة القدم النسائية، والمنظومة الثقافية التي تدفعها قدمًا. وأكد المشاركون أن النساء حققن تقدمًا كبيرًا في اللعبة، إلا أن مسارات التدريب لا تزال بحاجة إلى مزيد من المساواة، مع توفير برامج تأهيل متخصصة ومدعومة وبابًا أوسع للاحتراف والتقدير.
وبلغ التركيز على كرة القدم النسائية ذروته بجلسة عملية قادتها المدربة الأمريكية دينيس ريدي، اللاعبة السابقة والمساعدة لمدرب المنتخب الأمريكي للسيدات، بمشاركة فتيات من أندية محلية في فيلادلفيا. كما قدّم خوزيه تافاريش، مدير أكاديمية نادي بورتو البرتغالي، ورشة تدريب ميدانية للاعبي أكاديمية فيلادلفيا يونيون، حيث عرض طرق التدريب المتقدمة في بيئة واقعية، تعزيزًا لنهج القمة القائم على الربط بين النظرية والتطبيق.
كما تناولت القمة محور الابتكار والتقنية من خلال جلسة بعنوان التكنولوجيا الرياضية في كرة القدم: أين وصلنا؟ بمشاركة خبراء من الدوري الأمريكي لكرة القدم ونادي يوفنتوس وأكاديمية أسباير، حيث ناقش المتحدثون التأثير المتزايد للبيانات والأدوات الرقمية في تطوير الأداء. وأكدوا أن القيمة الحقيقية للبيانات تكمن في كيفية تفسيرها وتحويلها إلى رؤى تُسهم في صنع القرار التكتيكي وتحسين الأداء وتطوير اللاعبين.
وتجسيدًا لروح الابتكار، كشفت أكاديمية أسباير عن منتجها الجديد Blind/Off وهو نظام تدريب إلكتروني ذكي مطوّر داخليًا، يتيح للرياضيين تلقي ملاحظات وتحليلات فورية حول أدائهم. ومن المقرر أن تتوفر المنصة قريبًا عبر الأجهزة المحمولة، تأكيدًا على التزام الأكاديمية بتوفير أدوات تدريب احترافية للرياضيين حول العالم.
وبعيدًا عن كرة القدم التقليدية، شهدت القمة جلسة حوارية مع رون جاورسكي، لاعب كرة القدم الأمريكية السابق، قدّم خلالها منظورًا عابرًا للرياضات المختلفة، موضحًا كيف يمكن للمدربين الاستفادة من تجارب رياضات أخرى في مجالات القيادة والتواصل والمرونة. كما تطرق للحديث عن المبادئ المشتركة التي تجمع جميع المدربين مؤكدًا القدرة على الإلهام والقيادة. وأشار إلى أنه مع تطور التكتيكات والتكنولوجيا، تبقى القيادة هي الدافع الثابت وراء كل فريق.
جوهر كل رياضة هو القيادة سواء كانت كرة القدم أو الرجبي أو كرة القدم الأمريكية؛ فالقيادة الحقيقة تبدأ من الداخل، ومن لا يستطيع قيادة نفسه لن يتمكن من تأدية هذا الدور مع غيره. يشترك جميع المدربين العظماء الذي قابلتهم في شيء واحد: فهم يتواصلون مع لاعبيهم بوضوح. قد تتغير الاستراتيجيات وتتطور التكنولوجيا، لكن القيادة تبقى الثابت الذي يصنع الإنجاز .
كما شارك الحاضرون في ورش عمل متخصصة تناولت موضوعات قمة أكاديمية أسباير العالمية 2025، بمشاركة أعضاء برنامج زملاء أسباير حول العالم ، حيث أتيح للمشاركين تبادل الأفكار وطرح مقترحات لتطوير كرة القدم العالمية وتعزيز التعاون بين مؤسساتها.
وفي كلمته الختامية، قال فالتر دي سالفو، مدير أداء وعلوم كرة القدم في أكاديمية أسباير: غايتنا في أكاديمية أسباير هي خلق بيئة للتعلم الدائم ومشاركة المعلومات، سواء للاعبين أو المدربين أو المؤسسات. ما شهدناه هذا العام يؤكد قوة المعرفة حين تتشاركها عقول العالم من أجل تطوير اللعبة. ونستعد الآن للمرحلة التالية، حيث سنطلق جولة ورش العمل لأول مرة في أوروبا عبر فعالية مرتقبة في بوخارست برومانيا العام المقبل، كما بدأنا التحضير للنسخة الثانية عشرة من القمة، التي سيُعلن عن موقعها قريبًا.
ومن جانبه، أكد السيد علي سالم عفيفة، رئيس قمة أكاديمية أسباير العالمية، أن إقامة فعاليات القمة العالمية 2025 في ملعب سوبارو بارك بمقر نادي فيلادلفيا يونيون، يمثل خطوة مهمة في مسيرة الأكاديمية على المستوى الدولي، حيث تُقام هذه القمة للمرة الأولى في الولايات المتحدة الأمريكية.
وأضاف أن الأكاديمية اعتادت تنظيم القمة خارج الدوحة في العديد من الدول الأوروبية، إلا أن هذه المرة تتميز بانتقالها إلى الولايات المتحدة، بعد أن نظمت الأكاديمية نسخة سابقة ناجحة في العاصمة القطرية.
وقال عفيفة إن القمة تمثل منصة فريدة تجمع بين التعليم والتعاون والابتكار، موضحًا أن الهدف الرئيسي من الفعاليات هو تطوير مهارات المدربين والكوادر الرياضية الشابة، وتعزيز تبادل الخبرات بين المشاركين من مختلف أنحاء العالم.
وأشار إلى أن المشاركين في اليوم الأول استفادوا من ماستر كلاس قدمه المدرب الإسباني رافائيل بينيتيز المدير الفني السابق لأندية ليفربول وريال مدريد ونابولي، وجلسة حوارية مميزة مع المدير الفني السابق لمنتخب إنجلترا السير غاريث ساوثغيت، إلى جانب جلسة فلسفية مع مدرب نادي كولومبوس كرو، ولفريد نانسي.
وأضاف أن القمة تشمل ورش عمل تفاعلية بإشراف خبراء أكاديمية أسباير وشركائها الدوليين، تناولت علوم الأداء التطبيقي، والتدريب القائم على البيانات، وبرامج تطوير المواهب الشابة، بما يتيح للمشاركين تحويل المعرفة النظرية إلى استراتيجيات عملية قابلة للتطبيق على أرض الواقع.
وأشار عفيفة إلى أن القمة تعكس رؤية أكاديمية أسباير في إعداد رياضيين ومدربين متكاملين، فهم اللعبة وقيمها ودورهم فيها، وقال: التعليم هو جوهر كل ما نقوم به، والتفوق في كرة القدم يعتمد على المعرفة والشخصية بقدر ما يعتمد على الموهبة.
وأضاف: نحن فخورون بأن أكاديمية أسباير أصبحت منصة عالمية للتعلم والابتكار في كرة القدم، ونتطلع إلى أن تسهم هذه القمة في إعداد أجيال جديدة من الرياضيين والمدربين القادرين على تحقيق التميز داخل الملعب وخارجه.
وتقدم عفيفة بالشكر لكل شركاء النجاح وفي مقدمتهم مؤسسة اسباير زون وقنوات الكاس الرياضية والاتحاد القطري لكرة القدم، والشكر الخاص لنادي فيلاديلفيا يونيون والدوري الاميركي لكرة القدم (MLS) على استضافتهم للقمة والشكر موصول لكل زملاء أسباير حول العالم الذين نفتخر بشراكتهم معنا. كما أثني على العمل الجبار الذي قام به زملائي من مختلف الادارات في الاعداد لهذه للقمة تحت اشراف البروفيسور فالتر دي سالفو والدعم الكبير من السيد المدير العام إيفان برافو.